إنهم يزرعون الكراسي
بقلم :سميرلوبه مجرد اسم في البيت الطيني داخل الحارة الكسيحة في تلك القرية العرجاء التي لا تعدو كونها خطا في خريطة متهالكة ، يدخلها مرة في اليوم قطار مخمور يتسكع على خط السكة الحديدية ، وبصوت بح ينادي عليهم ربما يغامر أحدهم ويركبه لكن الكبار هنا تعلموا ألا يجادلوا البحر في موجه ، فهم يفضلون السير حفاة وفي أفضل الأحوال يركبون الدواب ؛ فالمسافات عندهم مثل أيديهم قصيرة ، يتجمع الصغار في ساحة الجرن المتربة ، يخرج جحا في ثيابه الرثة راكبا حمارَه بالمقلوبِ خلفه تلاميذه ، ليسألَه أحدُهم : - لماذا تركبُ كما نرى يا سيدي ؟ فأجابه قائلاً : وما أصنعُ ؟! إني إذا ركبت مستقيمًا تبقون خلفَ ظهرِي ، وإذا سرتم أمامي أبقى خلفَكم ، من أجلِ هذا ركوبي بالمقلوبِ هو الأصحُّ ، الحكيم يأتي متكئا على عصاته المعوجة يفترش أرض الجرن غير مبال للأتربة المتراكمة يمسك ببقايا طبشور التقطته أصابعه من بين التراب ليكتب على اللوح الخشبي الباهت " في البلد التي تعبد عجلا حش البرسيم واعط له " وبصوته المشروخ : - هذا درسكم الأول تضعونه قرطا في آذانكم كي ترعوا شتلاتكم الصغيرة ف...