كلمات.. أُحِبُه وأُحِبُ ما يُحبُه

 


بقلم //شيخة الخاطر

لو سألتك عن أثمن شيء في الحياة، لربما ذكرت أي شيء عدا نفسك، على الرغم من أنها الإجابة الأكثر رجاحة، ولكن لو جربتُ أن أسألك ثانية ما أقرب حب إلى نفسك؟؟ فعندها قد تجيب بأن أقرب حب إليك هو نفسك أو ربما والديك أو أبنائك، ولكن مَن مِنا تلقّى إجابة تفيد بأن أقرب الحب هو حب الله؟! الغريب أني وجدتُ الإجابة تجري على لسان بعض الصغار، بينما غابت عن قلوب بعض الكبار، وذلك لما التهوا عن حبهم الأصيل بضروب الحب المزيفة! ولو سمحت لي أن أسأل ثالثة: لمَ وجودك في هذه الحياة؟ ولماذا وعيت على نفسك فيها؟ إن وجودك لم يكن يومًا عبثية تبحث عن معنى! ولا نوعًا من الضعة فتتساوى بسائر المخلوقات ذات الوظائف البيولوجية، لم يكن وجودك أبدًا صدفة، ولكنها مشيئة الخالق الكريم التي أوجبت عليك حق العبودية التامة، والعبد ليس له أن يذهب أبعد مما أراد سيده، فيا ترى ما مدى عمق تأثير هذه الحقيقة في نفسك؟ وما مدى انعكاساتها على حياتك؟

إذًا فالهدف الأول الذي يجب أن تؤصله في قيعان الأفئدة والنفوس الغرة هو أن توضح لها سبب وحقيقة وجودها! هذه العلة التي تضنيها إجابتها عندما يفترسها اليأس، أو تخوى عليها الروح فتتخبط كمن أصابه المس! فمتى عُرف السبب بطل العجب وأصبحت الحياة أكثر متعة وسهولة ورضا!

لا تتعذر بصغر سنهم، فتنسَى أن تدق الوتد الذي سيشد إليه وثاقهم ما بقي لهم من أيام الأرض! أكاد أجزم أن هذا المعنى لم يتجذر عدا في نفوس القلة القليلة، ولم يغرس في نفوس ذرارينا بعمقه وأبعاده عند بلوغ وعيهم، فمعظم ما يحدث حولنا ينافي هذا المعنى، وكل شوائب النفس التي تؤدي إلى الشرور قد أطلقت وتمادت بابتعادنا عن هذا المفهوم العظيم، فلو أن كل عمل كان نيته وجه الله، لتجنبنا خلافات ومشكلات وبوائق كبيرة. ما يحدث أن الأغلب ترعرع على الاستجابة الصامتة لوالديه وذويه ومجتمعه، فلا يدرك السببية؟! فنحن نتاج بيئاتنا وهذا طبيعي، والنمذجة أمر غاية في الأهمية، ولكن أين لماذا من ذلك؟!إن كنت ستجيب لأن الله يأمرنا بذلك؟، فهل قدمت النية لتصدق قولك فيكون ذلك خالصًا لوجه الله؟ وليس من أجل رضا شخص أو مجاراة للجماعة أو خضوعًا للمجتمع! لماذا إذًا نسخط على الدنيا، وعلى الطقس وعلى الناس وعلى وضعنا البائس، لو اعتبرنا بأن هذه بديهيات طبيعية للحال الذي أراده الله لنا، ليمتحننا في ثباتنا على طاعته، لا أنكر أن النفس تضعف، وترهقها الحياة بتفاصيلها، فيمر عليك وقت تتساءل فيه لماذا أتيت إلى هذا العالم؟ ولو كان الله يحبنا فلم أراد أن يمتحننا؟ لماذا يُنجبوننا؟ ويتركوننا نتعذب في هذه الحياة؟ وكثير من أسئلة نحوها ربما تدور في رأسك ولكن قد تخشى الإفصاح عنها. تلك الأسئلة أجبت عنها في مطلع ما بدأت الحديث عنه، وربما أضفت بل لأن الله يحبك فهو يبتليك، ألا تحب أن تزن مقدار حبك في نفوس أحدهم؟! لكل منا طريقته في معرفة ذلك، ولأن حب الله أصيل لا يضاهيه حب، جاءت، طريقته على مستوى شرف وسمو هذا الحب، فتضحي وتتجرد من أي تعلق وأي حب – بما فيه حبك لنفسك – سوى حبه تعالى وحب ما يحبه.

دمتم بود


تعليقات

المشاركات الشائعة